الاختراقات والمخاطر الصحية البشرية والحيوانية لاستخدام المضادات الحيوية على الدواجن وحيوانات التربية لأغراض النمو والتسمين في الأسواق الفلسطينة والعالمية.
في ظل غياب وعي المستهلك والمزارع على حدى سواء، وغياب الرقابة والقوانين الملزمة والصارمة والفعالة لإدراة مزارع الطيور والحيوانات الأخرى في بعض الدول ومنها فلسطين، تشكل المضادات الحيوية التي تقدّم لهذه الحيوانات قلقا على الصحة العامة. هناك عدد من التجاوزات في الأسواق الفلسطينة التي تعكس الضرر على المستهلك والمصلحة العامة. نذكر منها (1):
- عمل البعض دون ترخيص كمُزارع او طبيب بيطري
- عزوف بعض المزارعين عن الطب البيطري
- توفر بعض الأدوية المحظورة محليا وعالميا
- وضع رأس المال أمام المصلحة العامة
- غياب أخلاقيات العمل البيطري من قبل بعض البياطرة
- توفر الأدوية بسهولة للمزارع دون نشرة بيطرية
- غياب التوعية الحكومية الفعالة
- عدم فرض القوانين وإجبارها وتطبيقها بشكل فعال على الرغم من وجودها
مع الأسف الشديد، هناك فوضى في استخدام المضادات الحيوية البشرية في فلسطين، فما بلك استخدمها على “الحيوانات”(2).
المضادات الحيوية هي أدوية بيطرية وبشرية تستخدم لمكافحة الأمراض البكتيرية فقط. هناك جدل كبير عالمي حول استخدام المضادات الحيوية مع أكل وشراب الطيور للحصول على إنتاج أفضل (3). كما أن هناك قلة توعية ومفاهيم خاطئة بين أوساط المربين وعامة الناس حول هذا الموضوع ، نوضحها في هذا المقال استننادا للأبحاث والمراجع العلمية.
استخدام المضادات الحيوية لأغراض النمو والتسمين
المضادات الحيوية بحد ذاتها لا تحفز على النمو بشكل مباشر كما يظن بعض الناس لكنها تساعد الطائر على النمو في ظل إنعدام الأمراض البكتيرية. الغرض الأساسي لاستعمال المضادات الحيوية هو مكافحة الأمراض البكتيرية التي تصيب مزارع الطيور والحيوانات الأخرى كالأغنام والأبقار، وهذا مشروع ومبرر.
لكن هناك جدل عالمي واسع حول استخدام المضادات الحيوية كإجراء وقائي لمنع تطور الأمراض عندما يكون الطائر اوالحيوان بكامل صحته. الممارسة الوقائية تتم عن طريق إضافة كميات قليلة من المضادات الحيوية في طعام او شراب الدجاج او الحيوان طوال مرحلة النمو.
يعود سبب تبني هذه الممارسة وشهرتها إلى إيمان مناصريها أنها توفر الحماية للطيور وحيوانات التربية من الأمراض البكتيرية، ويجادلون أن الطائر او الحيوان المريض لا يكسب الوزن ويسخر طاقته في مواجه المرض.
عندما يتم استخدام المضادات الحيوية كإجراء وقائي بشكل متواصل، فإن الدواء يسيطر على البكتيريا ويمنع حدوثها، وبذلك تعمل امعاء الطائر الصحية على امتصاص الغذاء بشكل افضل، وجسم الطائر او الحيوان الصحي يوفر الفائض من الطاقة والمجهود غير المستعمل لكسب الدهون (النمو). والطيور والحيوانات الصحية في المقابل تستهلك طعام أقل للنمو، وبهذه الطريقة يتم توفير الطعام أيضا (5).
لكن الباحثين لم يجدوا فرق في نمو صيصان الدجاج التي كانت تحت المضادات الحيوية المتواصلة وصيصان الدجاج التي لم يحتوي طعامها او شرابها على المضادات الحيوية (6) (7).
منظمة الصحة العالمية بجانب الكثير من المنظمات والسلطات المحلية لكثير من الدول المتقدمة تدعوا الى حظر هذه الممارسة لأنها تشكل واحدة من أكبر المخاطر الصحية العالمية على البشر (8) (9)، نوضح هذه المخاطر في القسم التالي.
مخاطر استخدام المضادات الحيوية كاجراء وقائي طوال مرحلة نمو الطيور والحيوانات
الخطر الأول: انتشار البكتيريا التي تقاوم المضادات الحيوية
وفقا للدكتور (Jon Lapook) في مقابلة أجرها على قناة (CBS)، أكثر من 2 مليون شخص في امريكا يحملون بكتيريا تقاوم الأدوية ومنهم حوالي 23000 الف مصاب يفارقون الحياة كل عام. وأضاف أن هذا خطر كبير وواضح (10).
استخدام المضادات الحيوية خارج الضرورة (كإجراء وقائي) قد يجعل بعض انواع البكتيريا تنجح في مقاومة الأدوية التي كانت مهمتها في الأساس التخلص من هذه البكتيريا. الخطر يكمن عندما تنجح البكتيريا في مقاومة الدواء وتنتقل من الحيوان المصاب الى البشر.
لذلك بعض الحكومات كالسويد تمنع هذه الممارسة تماما كما تفرض الحكومة السويدية إجراءات رقابية صارمة على مزارع الطيور والحيوانات. على سبيل المثال، يجب أن تزود جميع مزارع الطيور في السويد الحكومة بمعلومات عن استخدامات الأدوية عن طريق شبكة داخلية خاصة (11).
اما في الولايات المتحدة الامريكة فهذه الممارسة مسموحة، لكن في 2014، اطلقت وكالة الغذاء والدواء الامريكية استراتجية لمكافة البكتيريا التي تقاوم المضادات الحيوية مثل البكتيريا العطفية والسالمونلا. الاستراتيجية تشمل الحد من استخدام المضادات الحيوية المهمة للبشر على الحيوانات والتي تستخدم كجرعة غير علاجية (إجراء وقائي) بشكل متواصل للحفاظ على صحة الحيوانات ويشمل الحد الاستشارات البيطرية أيضا (12).
في عام 2005 ، قامت وكالة الدواء والغذاء الأمريكية بمنع دواء الانروفلوكسيسين (بيرتل) لانه يصنف تحت الادوية المعروفة بمجموعة الفليوروكينولونات (fluoroquinolones)، وهي أدوية تستخدم بشكل شائع على البشر.
وجدت الوكالة أن هذا الدواء يسبب تطور مقاومة بكتيريا العَطيفَة (Campylobacter) في الدجاج مما يسمح لهذه البكتيريا في مقاومة الأدوية البشرية، وبذلك تشكل هذه البكتيريا خطرا حقيقيا على الشخص المصاب بسبب فشل الدواء في القضاء عليها (13).
هناك ايضا خطة طوعية معدة من قبل الوكالة لمنع الأدوية التالية (14) : Tetracycline, Penicillin, Tylosin, Virginiamycin
الخطر الثاني: المضادات الحيويه المختزنه في انسجه الطيور والحيوانات التي نتناولها
تستطيع المضادات الحيوية التي نعطيها للطيور وحيوانات التربية والتي نأكل لحومها وبيوضها ونشرب حليبها أن تمكث فترة معينة من الزمن في صفار البيض او الحليب والأنسجة العضلية والعضوية كالكبد والكلى. قد تستطيع بقايا المضادات الحيوية أن تغير النبيت الجورثومي لأمعاء الإنسان عند أكل هذه الحيوانات (15) (16). النبيت الجروثومي يساعد الأمعاء على هضم وامتصاص الطعام، ويحمي الأمعاء من هجمات الجراثيم المعوية الخطيرة.
تجري الدول المتقدمة مثل السويد فحوصات عشاوئية على مزارع الطيور لفحص مستوى بقايا المضادات الحيوية عن طريق أخذ عينة من صفار البيض او انسجة الطائر العضلية (17). كما تجبر هذه الحكومات ان لا يغادر الطائر المزرعة قبل مضي فترة الأمان وهي الفترة التي تستغرقها الأدوية من الانسحاب من جسم الدجاجة من أخر جرعة.
وفقا للدكتور وائل ابو حمود، وهو طبيب بيطري مقيم في مدينة بيت لحم، تعتمد فترة الأمان على نوع الحيوان (أغنام ،أبقار، دجاج) ونوع المنتج (بيض، لحوم، حليب) ونوع الدواء وكمية الجرعة المقدمة، وطريقة تقديم الجرعة (الوريد، الفم) وقوانين البلد.
وأضاف الدكتور وائل قائلا، لحسن الحظ، القانون الفلسطيني يجبر كل مورد او منتج للأدوية البيطرية أن يضع تفاصيل فترة الأمان على جميع الأدوية البيطرية. أستشر طبيبك البيطري او إقراء تعليمات المنتج قبل استعمال الدواء خاصة في فترة ووضع البيض او الذبح.
طرق انتقال البكتيريا المقاومة للأدوية البشرية الى عامة الناس
وفقا لمراكز السيطرة ومنع الأمراض الأمريكية (CDC)، تستطيع الميكروبات الإنتقال من الحيوانات إلى البشر عن طريق (18):
- الماء او الأعشاب والنباتات والخضروات والفواكه الملطخة بأوساخ الحيوانات التي تحمل البكتيريا
- أكل اللحوم او البيض النيء او غير مطبخ جيدا
- لمس الأسطح او اللحوم الملوثة دون غسل اليدين
- التنفس خاصة في المزارع التي لا تحتوي على تهوية جيدة
- الاتصال مع عمال المزارع او الأشخاص الذين يعملون في تقطيع اللحوم النيئة
نصائح للمزارعين: كيفية الحد من استخدام المضادات الحيوية والاستغناء عنها كليا
الوقاية خير من الف علاج وخير الطرق هي الحفاظ على النظافة وتشمل نظافة أرضية مكان التربية، ونظافة ونقي الهواء عن طريق تهوية مكان التربية، وتجديد الماء بشكل يومي او دوري، وتعقيم مستلزمات الطيور، والمحافظة على جفاف مكان التربية. بجانب النظافة يجب الاتزام بعدم إدخال طيور او حيوانات جديدة قبل عزلها لوحدها مدة شهر كامل على الأقل. لمزيد من المعلومات ننصح بقراءة : نصائح وارشادات عامة حول تربية الطيور.
الخلاصة
غياب التوعية والرقابة واختراق أخلاقيات العمل البيطري، وجهل المزارع وتوفرالأدوية بسهولة دون نشرة بيطرية، والعزوف عن الطب البيطري تساهم في زديادة الخطر الصحي على عامة الناس. مع الأسف الشديد قليل من الناس لايدركون أهمية ودور العمل البيطري.
البيطري هو خط الدفاع أمام هجمات المكيروبات المسببة للأمارض، ومع هذا تاتي مسؤولية كبيرة وندعوا كل بيطري أن يتحملها على أكمل وجه. كما ندعوا جميع المربيين بشتى أعمارهم وهواياتهم ومصالحهم أن يأخذوا المعلومات من مصادرها الموثوقة، ولا يترددون في زيارة البيطري.
مراجعة وتدقيق: د. وائل أبو حمود