هل أنت من المهاجرين أصحاب الكفاءات وبعد وصولك إلى كندا تفاجأت من سوق العمل الكندي؟
أود في البداية أن أعرفكم على أصدقائي مشرف وعائشة. مشرف مهندس مدني باكستاني هاجر إلى كندا هو وعائلته في عام 2002 واستقر في مدينة فانكوفر (Vancouver) في كندا.
وبعدما وصل مشرف إلى كندا، لم تكن الظروف مهيئة له كما كان يتصور وكما يتصور أغلب الذين يخططون للهجرة، وحاله حال جميع المهاجرين خاض غمار تحدي البحث عن وظيفة فور وصوله، لكنه لم يستطع إيجاد وظيفة ضمن مجاله في الهندسة المدنية، لأن سوق العمل الكندي لا يعترف بالشهادات المهنية غير الكندية.
وهنا بدأت الحيرة تنهش مشرف، وبدأ يتقلب بين نار البحث عن وظيفة ونار البدء في الدراسة من جديد لمعادلة شهادته وتصديقها من قبل نقابة المهندسين، وقد اختار مشرف طريق البحث عن عمل ليلبي احتياجات عائلته، لكنه كان يُرفض لذات الأسباب في كل مرة يتقدم فيها لأي عمل، وكانت هذه الأسباب تشكل هاجساً لدى مشرف لأنها أكبر من إرادته، ففي كل مرة كان يُرفض لعدم امتلاكه خبرة عمل كندية ولأن مؤهلاته أعلى من متطلبات الوظيفة.
وبعد قضائه أكثر من عام كامل في البحث عن وظيفة انتهى بمشرف المطاف من مهندس في باكستان إلى حارس أمن في فانكوفر، وبقي في هذه الوظيفة لأكثر من عام، لكنه لم ييأس وبقي يبحث عن فرصة عمل تتوافق مع مهاراته ومؤهلاته، إلى أن حصل على وظيفة مندوب مبيعات في المنتجات الصحية الطبيعية في شركة صينية.
وبعد خمس سنوات، كبرت عائلة مشرف ولم تعد وظيفته تلبي احتياجات هذه العائلة، فقرر هو وزوجته عائشة أن يبدأوا في إنشاء مشروعهم الخاص ليضمنوا مستقبل أولادهم، وبدأوا سوياً بالبحث عن فكرة هذا المشروع.
وفي عام 2009، أسس مشرف وعائلته شركة هيربالاند (herbaland) لصناعة حلوى الفيتامينات. وقد كان مقر شركتهم في البداية في مطبخ بيتهم، وكانا يتلقيان الطلبات ويصنعان في هذا المطبخ يدوياً بمساعدة أطفالهم وبجو أسري طموح ودافئ.
وبعد أن لاقت الفكرة نجاحاً طورا هذه الشركة إلى أن اجتازت منتجاتهما الحدود الكندية، فقد أصبحت منتجات الشركة تُصدّر لأكثر من عشرين دولة حول العالم مثل أمريكا و تركيا و السعودية و الكويت و قطر و لبنان و الاردن و مصر وغيرها من الدول، وهكذا تحولت شركتهم من شركة صغيرة لا تتجاوز حدودها مطبخ المنزل لشركة عالمية، تباع منتجاتها في الأسواق العالمية وحتى على المتاجر الإلكترونية مثل أمازون.
ولم يقف طموحهما عند حد معين، فاستمرا في العمل بجد إلى أن أصبح لديهما مصنعين يعلملان طيلة أيام الأسبوع على مدار الساعة، حتى أصبح مصنعهما واحداً من أكبر 60 مصنعاً منتجاً في كندا، فقد ارتفعت أرباحهما بنسبة 1800% في السنوات الخمس الأولى، واليوم وبعد مرور أقل من عشر سنوات على تأسيس الشركة تجاوزت أرباحها العشرة ملايين دولار كندي سنوياً.
وبعد كل هذا النجاح الباهر الذي وصل له هذان الزوجان، لم ينسى أحد منهما كل الصعاب التي خاضاها في البداية، ولم ينسى أي منهما لحظات الإحباط التي مرّا بها، فقررا أن يفتحا أبواب الشركة للمهاجرين، وجعلهم الشريحة الأكبر من الموظفين، ومن هذه القصة يجب علينا إدراك أن لكل مجتهدٍ نصيب، وأن لا ننسى ظروفنا الصعبة بعد تخطيها فمن لا يشكر الناس لا يشكر الله.
شاهد قصة مشرف وعائشة على قناتي على اليوتوب في الفيديو التالي واشتركوا في القناة لمتابعة القصص القادمة: