هذا المقال يتناول الفصل الأول بعنوان تفهّم مشكلاتك من كتاب العقل فوق العاطفة للكاتبتين د.كريستين باديسكي و د.دينيس غرينبرغر، ويركز هذا الفصل على كيفية تحليل من أين أتت المشاكل النفسية، ولأن الخطوة الأولى لحل المشكلة هو إدراك وجودها ومن ثم تحليلها، ويكمن سر تحليل المشاكل النفسية بالنسبة للكتاب في ربطها بالجوانب الخمسة لخبرات الحياة وهي: الأفكار والعواطف والردود الجسدية والسلوك والبيئة.
شرح الفصل تفهّم مشكلاتك
يشرح هذا الفصل كيفية تفهم المشاكل النفسية عن طريق طرح الكاتب لأربع مشاكل مختلفة لأربعة منتفعين، ومن ثم يقوم بتحليلها على أساس الجوانب الخمسة لخبرات الحياة.
مشكلة بين: إنني لا أحب أن أصبح عجوزاً.
لقد بدأت سيلفيا تُحس بالتغيرات التي يمر بها زوجها بين، فهو لم يعد ذلك الشخص اللطيف الذي إعتادت عليه، بل أصبح متقلب المزاج وسريع الغضب، وبل كان ولمدة ستة أشهر لا يتوقف عن الشكوى، فقد كان يشتكي من التعب كثيراً، ويسير في غرفة الجلوس في ساعات متأخرة من الليل، ويعاني من الأرق.
وقد بدأ بين يتغير بشكل كبير وأصبح مهملاً لهواياته التي لطالما أحبها، ولم يعد يلعب الغولف أو يزور أصدقائه، وبعد أن أجرى الفحص الطبي السنوي تبين له أنه سليم كلياً ولا يعاني من أي مشاكل جسدية، ومن ثم اشتكى لزوجته قائلاً، “أنا أكره أن أصبحح عجوزاً، وهذا يقلقني”.
وبعد أن أدركت سيلفيا أن زوجها يعاني من مشاكل نفسية، اتصلت بالطبيب النفسي وتسائلت إذا كان زوجها يعاني من الإكتئاب، فطلب الطبيب أن يتحدث مع بين على الهاتف وكان بين مترددا ويائساً وكان يعتبر أن الذهاب للطبيب النفسي غير مجدي، ولكنه قبل في نهاية المطاف إرضاءً لزوجته.
وفي أول زيارة لبين للطبيب النفسي لاحظ الطبيب الفرق الواضح بين بين وزوجته من ناحية الإعتناء بالمظهر، وبدأ الحوار بينهم لفهم كيفية حل مشكلات بين النفسية، وقد بدأ الحوار بخوف بين على الأشخاص المقربين لديه، فقد كانت زوجته تعاني من مرض السرطان وقد شفيت وقد توفي صديقه ما جعل بين يشعر بمشاعر سلبية ويبني عليها أفكاره وتصرفاته.
حل المشاكل النفسية عن طريق فهم الجوانب الخمس الرئيسية
عند مراجعتك للطبيب النفسي سيحاول في البداية فهم و حل المشاكل النفسية خاصتك على أساس الجوانب الخمس التالية:
- الأفكار (المعتقدات والصور الذهنية والذكريات).
- العواطف.
- السلوك.
- ردود الفعل الجسدية.
- البيئة (في الماضي والحاضر).
وإن هذه الجوانب الخمسة مرتبطة ببعضها بشكل مباشر، ومترابطة بحيث تؤثر كل منها على الأخرى، وسر حل المشاكل النفسية يكمن في فهم هذه الجوانب وكيفية تفاعلها مع بعضها البعض، وإن أي تغير في أي جانب منها سواء كان هذا التغير بطريقة إيجابية أو سلبية فإنه سيصنع تغير في جميع الجوانب الأخرى.
تحليل مشاكل بين
أيقن بين بعد ما طلب منه الطبيب النفسي كتابة التغيرات الشخصية في حياته إستناداً للجوانب الخمس الموضحة في الأعلى.
1- التغيرات البيئية: وفاة صديقه وإصابة زوجته بالسرطان، وهذه التغيرات أدت إلى تغيرات سلوكية لديه.
2- التغيرات السلوكية: الإنقطاع عن لعب الغولف وزيارة الأصدقاء، وأصبح مستمراً في زيارته لمشفيات تختص بالسرطان.
3- الأفكار: أصبحت نظرته تجاه نفسه وكأنه عديم الفائدة، وأصبح يظن أن أحفاده لم يعودوا بالحاجة إليه.
4- العاطفة: حزن ويأس وتقلب في المزاج.
5- ردود الفعل الجسدية: تعب وإرهاق.
حل المشاكل النفسية خاصتي
في البداية أنصح كل من يحس بأي تغير أو بأنه يحتاج للمساعدة في حل المشاكل النفيسة خاصته بأن يتوجه لمركز علاج نفسي فبوجهة نظري الجميع يحتاج لمرشد نفسي حتى المرشد النفسي نفسه، لأن المرشد النفسي مهم في حياتنا بأهمية الطبيب العام والحلاق، وقد بدأت بمرحلة من حياتي أحس بأنني أعيش في مفترق طرق ولا أستطيع الإختيار بأي وجهة أسلك، فبدأت أفكر بالإنتحار أو على الأقل بترك الجامعة إلى أن نصحني صديق لي بإتخاذ خطوة الذهاب لمركز الإرشاد النفسي لحل المشاكل النفسية خاصتي.
وسأبدأ بكتابة التغيرات التي حدثت معي وفقاً للجوانب الخمس الموضحة بالأعلى.
1- تغير بيئي: فقد أحد الأصدقاء المقربين فجأة.
2- العاطفة: الشعور بالخذلان والحزن.
3- الأفكار: التفكير بأن الجميع سيتركنني في منتصف الطريق يوماً
4- جسمية: التعب والهزال الدائم.
5- سلوكية: إهمال الدراسة والتصرف بشكل عدائي، مما أحدث تغيرات بيئية جديدة.
6- بيئية: الطرد التعسفي من الجامعة، والإنتقال لجامعة أخرى.
7- الأفكار: أصبحت أنظر لنفسي بنظرة الشفقة وعدم الفائدة في الحياة.
8- العاطفة: إكتئاب.
9- جسمية: تعب وهزال دائم وإضطراب في الأكل والنوم.
10- سلوكية: إنعزال ورفض التعرف على أشخاص جدد وعدم حضور المحاضرات.
وإن هذه التغيرات السلبية ستبقى تتكرر في الدائرة نفسها وتتفاقم في كل مرة في حال عدم التفكير بجدية لحل المشاكل النفسية خاصتك، ومن وجهة نظري إن الإصلاح يبدأ بإصلاح الأفكار للسيطرة على باقي الجوانب، وإن هذه الجوانب تتأثر ببعضها بشكل إيجابي أيضاً، وبعد إدراكي لذلك بعد الكثير من الجلسات مع مرشدتي النفسية بدأت يإصلاح أفكاري أولاً وحدث تغيير بجميع الجوانب كما يلي:
1- الأفكار: إدراك فكرة الجوانب الخمس، والتفكير الجاد بإصلاحها والتأثير عليها بشكل إيجابي، والتفكير ملياً بالمستقبل.
2- سلوكية: العودة للعمل والدراسة بشكل تدريجي.
3- عاطفية: الرضى عن النفس.
4- جسدية: تحسن تدريجي.
5- بيئية: التأثيرإيجابياً بالعائلة والأصدقاء.
6- الأفكار: التفكير ملياً ومفصلاُ بما أريده من الحياة.
7- عاطفية: رضى أكثر عن الذات، عدم الشعور بالمشاعر السلبية.
8- جسدية: الشعور بالصحة، والعودة للنوم والأكل المنتظمين.
9- سلوكية: الدراسة والعمل بشكل مستمر والحصول على أعلى علامة بالدفعة.
10- بيئية: تحسن علامات أصدقائي وأداء أفراد عائلتي.
إن إدراك هذه الجوانب الخمس وعلاقتها المترابطة وكيفية تأثير إحداها بالأخرى هو الخطوة الأولى لتحسينها لذلك يجب على الجميع كتابتها بشكل دوري والتأكد من أنهم يسلكون الطريق الصحيح وجعل هذه الخطوة من قواعد الحياة خاصتك وبناء حدس قوي تجاه مشاكلك.
كيفية كتابة الجوانب الخمسة
التغيرات البيئية: يجب أولاً أن نسأل أنفسنا عن التغيرات الجديدة التي تحدث معنا والبداية بالرجوع للتغيرات الأقد فالأقدم حتى الوصول للتغيرات القوية التي حدثت في الطفولة كالإعتداء الجنسي والتنمر، ومن ثم السؤال عن الصعوبات طويلة الأمد كإساءة الآخرين لنا.
ردود الفعل الجسدية: يجب أن نلاحظ التغيرات الجسدية كالشهية والنوم ونبض القلب والضغط والتعرق وآلام المعدة وملاحظة الأعراض الجسدية المزعجة لنا.
العاطفة : يجب إدراك الكلمات التي تعبر عن حالتنا ومنها (الحزن، القلق، الغضب، الشعور بالذنب، إنتقاص الذات …).
السلوك: أولاً يجب إدراك السلوكيات التي نريد تغيرها في كافة أصعدة الحياة، كالعمل والمنزل ومع الأصدقاء، ويجب أن نسأل أنفسنا عن السلوكيات التي نتجنبها مع أنها تصب في مصلحتنا وتساعد في حل المشاكل التي نواجهها.
الأفكار: يجب أن نلاحظ الأفكار التي تراودنا خاصة عندما نمر بمشاعر وعواطف قوية، ومن أهمها الأفكار التي تخص أنفسنا وتخص الآخرين ومستقبلنا، وما هي الأفكار التي لها علاقة بتنفيذ الأعمال التي نحبها، ويجب أن نلاحظ الخيالات والذكريات وأحلام اليقظة التي تخطر ببالنا.
وفي الختام يجب علينا كتابة هذه الجوانب باستمرار، ويجب أن نلاحظها عامة والأفكار والسلوكيات خاصة في حينها ليكون تجنبها أسهل في حال كانت سلبية لحل المشاكل النفسية خاصتنا، وليكون من السهل إستغلالها والبناء عليها في حال كانت إيجابية.